شتان ما بين إشعال الشموع ولعن الظلام… لبيب الإخوان: دعم المنصة وتصويب الأخطاء سبيلنا الأوحد لحماية ودعم الليرة السورية وحلول بمتناول اليد تخرجنا من عنق الزجاجة…

نعيش اليوم حالة غير مسبوقة من تراشق الاتهامات في موضوع الفساد والمفسدين، ضاع فيها كثير من الوقت والجهد، ونالت المنصة المتخصصة بإدارة موارد القطع الأجنبي مع الحفاظ على سعر الصرف والقائمين عليها النصيب الأكبر من تلك الاتهامات.. وهي، أي المنصة، أنشئت لغاية حصر تمويل المستوردات بالقطع الأجنبي بجهة واحدة تحت إشراف مصرف سورية المركزي ، وبالتالي أسبغت الشرعية على عملية شراء القطع الأجنبي عبر شركات الصرافة المعتمدة بدلاا من اللجوء إلى السوق الموازية )السوداء( كما أنها حّدت بشكل كبير من التلاعب بأسعار الصرف وتهريب الأموال إلى
الخارج ..
لا يمكننا نكران الواقع الصعب الذي يعاني منه اقتصادنا نتيجة أسباب متعددة زاده سوءا التخبط واتباع أساليب خاطئة – ربما- في وقت سابق… وبرأيي كان لاستحداث المنصة المتخصصة بإدارة موارد وعمليات القطع الأجنبي أثر إيجابي انعكس بشكل مباشر على اقتصادنا بعوامل عدة أذكر منها :
ضبط سعر الصرف كأحد الحلول الآنية التي لعبت دورا أساسيا في عملية كبح سعر الصرف.. و توفير السيولة المالية اللازمة لمصرف سورية المركزي لشراء مستلزمات مهمة من أقماح ونفط..
كما شكلت تلك العوائد عاملاً مهماً في محاربة عشرات المضاربين على ليرتنا السورية في المناطق خارج السيطرة، ومكنت من التصدي لمحاولات إضعافها.
وكان حصر استيراد معظم الواردات بالمنصة خير وسيلة لضبط المستوردات ومعرفة حجمها ناهيك عن إيقاف نزيف القطع الأجنبي للخارج، كما أنه وضع حدا للتهرب الضريبي الذي يلجأ له بعض المستوردين عن طريق إخفاء حجم عملهم الحقيقي.
تمكنت المنصة من تأمين ما يقارب مليار دولار للمستوردين من تجار وصناعيين وزعتها بنسب متقاربة منذ بداية العام ولغاية تاريخه.
سادت حالة من الوثوقية وازداد الإقبال على شراء الدولار من قبل الراغبين بتحويل الأموال للداخل عن طريق شركات الصرافة المعتمدة خاصة بعد رفع سعر الدولار من المركزي إلى سعر منطقي..
كبح جماح عشرات المضاربين الموجودين بالشمال وبالمناطق خارج السيطرة الذين يسعون للمضاربة بهدف إضعاف قيمة الليرة السورية، وذلك عن طريق تدخل المنصة بطريقة لا يمكن للمصرف المركزي التدخل بمثلها.
من جهة ثانية لا يخلو عمل المنصة من سلبيات طالت عملها، ولكن مع انعدام البدائل المتاحة لابد لنا من دعم الإيجابيات والوقوف كرجال أعمال كتفا بكتف مع عمل المنصة ومع إدارتها.. وإنني أنقل الكلام هنا عن لسان حاكم مصرف سورية المركزي والذي يتوجه به لكل من يجد في نفسه الكفاءة ويحمل خطة عمل من شأنها أن تطور عمل المنصة وتعطي قيمة مضافة تسهم في تلافي الأخطاء الحالية فليتفضل وله كل الترحيب.
ولابد لي من التأكيد أن الاكتفاء بالنقد والتركيز على السلبيات وتعمد اصطياد زلات الآخرين ومهاجمتهم في شخصهم عوضا عن التركيز على عملهم والنتائج، فإنما تضعنا حينها في صف من يضع العصي بالعجلات ويعمل على تثبيط الهمم لغايات لا علاقة لها بالتحسين أو التطوير، وإنما تنعكس بشكل أو آخر على إحباط المجتمع ككل، وتصب في صالح كل من يراهن على سقوط ليرتنا وانهيارها أكثر وأكثر.
وحيث إنني تعمدت في مقالي هذا أن أضيء على النقاط الإيجابية الكثيرة التي حققتها المنصة، التي كما أسلفت بالتأكيد ، لا تخلو من السلبيات التي أرى ان أهمها في الوقت الحالي هو امتناع شركات الصرافة عن قبول الحوالات البنكية والإصرار على نقل الأموال نقدا إليها، في تناقض غريب مع توجهات الحكومة في تبني نظام الدفع الإلكتروني وتعزيز دور البنوك في ضبط الأموال وحركة رأس المال التي جعلت العديد من المستوردين في منأى عن مراقبة مصدر أموالهم لعدم اعتمادهم على الحسابات البنكية مطلقا، رغم استيرادهم بأرقام لا يستهان بها… ولنا في العديد من المستوردين الذين
لا يملكون أصلا حسابات بنكية خير مثال على ذلك.
وعما يمكن طرحه من حلول رديفة وبدائل فإنني أعود للتأكيد أن المنصة لن تكون العصا السحرية التي ستنقذ اقتصادنا وتعيد لليرتنا ألقها، ولكنها تشكل سدا يمنع الانهيار، وهي جزء من العديد من الحلول المتاحة التي من شأنها أن توفر الموارد اللازمة التي تساهم في تعزيز قوة الليرة وعلى سبيل الذكر لا الحصر :
1-ضرورة البت واتخاذ قرار ببيع الأصول العائدة ملكيتها للدولة بعد أن أصبحت متهالكة وتحولت لعبء كبير، وبات استثمارها ضربا من ضروب المستحيل رغم كل المحاولات .. وبيعها بالليرات السورية حصراً.
2-اتخاذ القرار بإخلاء بعض المباني العقارية المستأجرة من الدولة والتي من الأنسب إخلاؤها في ظل توافر البدائل التي تقدر بمبالغ تتراوح بين 1500 إلى 3000 مليار ليرة سورية كلها تدخل لخزينة الدولة،وذلك قبل بدء العمل بقانون الإيجار الذي يعطي للمستأجر ما نسبته 40 % من القيمة الرائجة للعقار والذي سيطبق اعتبارا من مطلع العام القادم.
3-نحن اليوم بمكان أحوج ما نكون فيه لرفع كل القيود التي تعيق استيراد المستلزمات الزراعية من بذور وشتول وأسمدة ومبيدات ومكننات زراعية وتسهيل أي استثمار زراعي بشكل جدي وفعال لما له من انعكاس مباشر وسريع على أسعار السلع وارتفاع نسب التصدير.
4- في الوقت الحالي ُيطلب من المصدر بيع ما نسبته٥٠% من عوائد قطع التصدير للمنصة دونما أي سؤال عن الكمية المتبقية، وبحسب ذلك فإنني أرى ضرورة الموافقة على إمكانية السماح لكل المصدرين بالتنازل عما تبقى من قطع التصدير الناتج لمستورد آخر مما ينشط عملية التصدير بشكل كبير ويسهل عملية الاستيراد من دون
الحاجة لشركات صرافة أو بنوك وسيطة.
5- كما يشكل السماح بالإدخال المؤقت للصناعيين من دون قيد أو رسوم مع تفعيل عمل المناطق الحرة حافزا مهما للصناعيين للبحث عن أسواق تصديرية لمنتجاتهم تحرك عجلة الصناعة بشكل فاعل ومؤثر.
6-من الضروري اليوم إعادة النظر بنسبة الضرائب على الأرباح الواردة في القانون رقم 24 وتعديلاته بحيث تصبح ضريبة الأرباح 14% بدلا من 28% وذلك بهدف تشجيع أصحاب الفعاليات الاقتصادية للتصريح عن رقم المبيعات الفعلي وعدم اللجوء إلى استخدام أسماء وهمية للاستيراد والتصدير للتهرب من الضريبة، إذ إنه من المنطقي عند تخفيض الضريبة أن تزيد نسبة الواردات بشكل مماثل لما حصل في قانون البيوع العقارية مؤخرا ويشجع أكثر على تداول الفواتير الصحيحة والدخول في منظومة الدفع الإلكتروني، مع أملنا بصدوره بأسرع وقت ولحظ تنفيذه بدءا من هذا العام .
7-ضرورة النظر في تخفيض النسبة المطلوب تسديدها للتأمينات الاجتماعية عن أرباب العمل والعمال من ١٧٪ لرب العمل إلى 10٪ ومن 7٪ إلى 5٪ للعمال وذلك للحد من التهرب الكبير الحاصل وعدم تسجيل كل العمال بالتأمينات الاجتماعية ، وإذا تم تسجيلهم فالتصريح عن الرواتب يكون بالحد الأدنى للأجور للتهرب من دفع مبالغ كبيرة… والتخفيض هنا سيصب حكما في مصلحة العامل أولا، ويضمن حقوقه كما يضمن التصريح عن عدد العمال الحقيقي في المنشآت وبالتالي تزداد قيمة الاشتراكات لدى التأمينات الاجتماعية وهي ريوع تمكنها من الاستثمار وتحقيق مكتسبات مالية أكبر..
8-العمل على ربط التمويل وبرنامج دعم أسعار الفائدة باستخدام هذه الأموال في إعادة إقلاع المنشآت الحقيقية وتشغيلها أو إقامة منشآت جديدة نحن بحاجتها، وفي حال عدم الالتزام بالغاية التي منح على أساسها القرض يتم احتساب قيمة القرض عند السداد بما يعادل القيمة بالدولار عند منح القرض.
9- البحث في تسوية مخالفات البناء ووضع مدة زمنية محددة وعقوبات رادعة تطبق على المتخلفين وهو إجراء كفيل بتحصيل مبالغ مالية بحدود 3000-2000 مليار لخزين الدولة، خاصة أن هذه المخالفات لا يستفيد منها إلا المخالفون أنفسهم، و يجب إلزامهم بمدد زمنية محددة لتسوية مخالفاتهم بالليرة السورية ، وبذلك نضمن حدوث طلب مرتفع
على الليرة السورية.
10-العمل بضمان الودائع وضمان قدوم وديعة من الخارج ووضعها في أي من المصارف السورية بشكل حقيقي وموثق..وغيرها من الأفكار والحلول الملائمة لكل مرحلة..
كل ما ذكرناه سابقاً
حلول لكبح ارتفاع سعر الصرف وتعزيز الطلب على الليرة السورية تمهيدا لإيجاد حلول أساسية تساهم بدوران عجلة الإنتاج و زيادة الصادرات وتشغيل اليد العاملة، و هو المحرك الأساسي للاقتصاد،
كلها مقترحات نضعها برسم زملائنا في مجلس الشعب وبرسم أصحاب القرار في الحكومة والغيورين على مصلحة البلد ودعم الاقتصاد الوطني للخروج من الأزمة وتحقيق التعافي الاقتصادي…
بقلم : لبيب الاخوان
الوطن