اجمع العلماء والمتابعون للشأن الدولي ان جائحة الكورونا سوف تسرع في احداث تغيرات دولية وبطبيعة الحال إقليمية كبرى وسيكون لذلك بالضروره تاثيرات في المحيط ومحليه استثنائية .
يمكن ان يوصف القرن الماضي وما سبقه انه زمن تكثيف البناء الشاقولي ، اذا تكثفت الهجرة من الأرياف الى المدن ليس فقط بسبب انجذاب الجماعات والأفراد باتجاه وفرة الخدمات المختلفة التي وفرتها المدن ولم يتح للأرياف ان تفعل ، بل كون فلسفة الخدمات اعتمدت على تكثيف المركزية في نقيض للامركزية ، فعلى سبيل المثال ؛ محطات توليد الكهرباء الحرارية او النووية او غيرها ، كلها مركزية ويتفرع عنها خطوط إيصال الطاقه لمئات الكيلومترات ، كذلك محطات المعالجة ، ومحطات تحلية المياه .. الخ اليوم بسبب الكساد العالمي المتوقع ، وبسبب ملايين البشر التي ستتعطل عن العمل والمقدر ان تصل الى المليار ، والارتفاع المحتمل للأسعار الغذاء العالمي من جانب ، ومن جانب اخر بسبب تداعيات جائحة الكورونا ، واحتمالات اما تكرارها او استمرارها، وكون احد الحلول هو ( التباعد ) الاجتماعي وهذه حالة من الصعب تحقيقها في المدن الكثيفه فان الانتشار الأفقي بدلا من الشاقولي هو احد الحلول ، وكون الريف هو الأميز بالمطلق في مقابل المدن ، وبسبب تقدم كثير من العلوم والبدائل لتحقيق الرخاء الإنساني المنشود ، فتامين الطاقة البديلة الشمسية ام الريحية او المدمجة بتكاليف اصبحت مشجعة جدا بالقياس للماضي القريب ، ان كان على مستوى تغذية منازل او تجمعات اكبر ، وكون قدرة الأفراد والجماعات باتت كبيرة جدا على الاتصال فيما بينهم بسبب الثورة الرقمية ، انترنيت ارضي او فضائي ، وهذا ما يتيح للناس افرادا وجامعات الولوج للمعرفه بالإضافة الى الاتصال والتواصل ، وحتى التعليم الافتراضي لم يعد يقل مكانة عن التعليم بالتواصل المباشر ، اضافة الى سلسلة من العوامل تتحقق لصالح تكامل عناصر الاكتفاء الذاتي والذي يتطور بتسارع استثنائي لم يكن له مقبل في تاريخ البشرية ، فاني أتوقع للأسباب التي ذكرت ، ان يعود للريف رونقه ، ليس فقط كبيئة نظيفه جدا بالمقارنه مع المدن ، بل كوحدات انتاج زراعي عَلى مستوى العائلات والجماعات الصغيرة العائلية او غير ذلك وهذا يمكن ان يحدث على المدى الطويل دون تنظيم او تدخل من قبل مؤسسات الدولة او على المدى الأقصر في حال تم تشجيع هذه الظاهرة المحتملة ورعايتها من خلال اجراء مسح شامل للنشاطات الاقتصادية والإنتاجية المحتملة وتقديم سلاسل المنتجات التي تم مسحها ومكاملتها مع النشاطات الاقتصادية الاقرب فالابعد ، وكل هذا يندرج ليس فقط تحت عنوان المشاريع المتناهية في الصغر وهي هامة جداً بحد ذاتها ، وإنما بتقديري ان انزياحا الزامياً سوف يتحقق بسبب المتغيرات التي احدثتها جائحة الكورونا من جانب ، والبنية التحتية الجديدة لثورة الاتصالات من جانب اخر ولا مركزية استيلاد الطاقة بتكلفة أصبحت متاحة لشرائح متعددة وبذلك تصبح لدينا صورة ثلاثية الأبعاد ، يمكن مقاربتها من جوانبها المتعددة ، ويمكن اضافة البعد الرابع المتعلق بالتأهيل المهني او بأنواع التاهيل والتعليم الافتراضي المدروس لتحقيق حد معقول من هذا الانزياح الضروري من المدينة الى الأرياف . في بداية الخمسينات من القرن الماضي جرى نقاش عميق حول تعريف العامل ، هو ينحصر بمن يلبس البدلة الزرقاء ،أم أن اصحاب الجهد الفكري يمكن ان يكونوا ايضاً ضمن الطبقة العاملة ، وقد استقر الراي ان ذوي الياقات الزرقاء والبيضاء هم من يشكل هذه الطبقه ، هذا الامر بدأ ينسحب على قاطني الريف في المجتمعات المتحضرة بسبب عدم وجود فجوة معرفية ورقمية بينهن وبين قاطني المدن وهذا ما يجب ان يكون عليه الامر لدينا وسيحصل حسب تقديري بتسارع لافت خلال السنوات القادمه
علي الأحمد …….. سيعود للريف رونقه
